قانون التصريح بالممتلكات ومكافحة الفساد في موريتانيا- موقع أخر قرار

في خطوة تشريعية مهمة ضمن جهود موريتانيا لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، أقر البرلمان مؤخراً مشروع قانون يتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح، إلى جانب قانون مكافحة الفساد وإنشاء سلطة وطنية لمكافحة الفساد.
يهدف قانون التصريح بالممتلكات إلى معالجة الثغرات القانونية التي ظهرت خلال 18 عاماً من التطبيق، ويأتي استجابة لملاحظات الاستعراض الدوري لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الرشوة. وينص القانون على إلزامية التصريح بالممتلكات والمصالح لفئات جديدة من الموظفين العموميين الذين يشغلون مناصب عليا أو يمتلكون سلطة اتخاذ القرار، وذلك لتعزيز الشفافية ومنع تضارب المصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع.
كما يوفر القانون أدوات قانونية فعالة لمعالجة ومراقبة التصاريح، مما يسهل رصد أي تجاوزات أو مخالفات.
في الوقت ذاته، جاء قانون مكافحة الفساد الجديد لسد الثغرات التي كشفتها تجربة تطبيق القانون السابق (رقم 014-2016)، مع إدخال أحكام جديدة تعزز التجريم والعقوبات في مجالات مثل تنفيذ الصفقات العمومية بشكل مخالف للقانون، والإثراء غير المشروع. كما يشدد القانون على ضرورة تسريع الإجراءات القضائية المتعلقة بقضايا الفساد.
وأُنشئت بموجب هذه القوانين “السلطة الوطنية لمكافحة الفساد”، وهي هيئة مستقلة مكلفة بالوقاية من الفساد وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد، وتعزيز النزاهة والشفافية من خلال آليات فعالة للرصد والرقابة.
رغم الإشادة بهذه الخطوات، أثار القانون جدلاً واسعاً، خاصة بعد استثناء بعض الفئات مثل البرلمانيين من إلزامية التصريح بالممتلكات، ما دفع نواباً ومنظمات مدنية إلى المطالبة بتعديل القانون ليشملهم، معتبرين أن هذا الاستثناء يضعف مصداقية مكافحة الفساد ويخالف الالتزامات الدولية لموريتانيا.
ويؤكد الخبراء القانونيون أن التصريح بالممتلكات هو آلية وقائية ضرورية لتعزيز الشفافية وحماية المال العام، وأن نجاح القانون يعتمد بشكل كبير على التطبيق الجاد والإرادة السياسية الصادقة.
في المجمل، تعكس هذه القوانين إرادة سياسية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في موريتانيا، لكنها تحتاج إلى متابعة مستمرة لضمان فعاليتها وتحقيق الأهداف المرجوة.