الأحزاب السياسية في موريتانيا: واقع متغير وقانون جديد يعيد تشكيل المشهد السياسي- موقع أخر قرار

موريتانيا تشهد تحولات مهمة في مجال الأحزاب السياسية، مع اعتماد تعديلات جوهرية على قانون الأحزاب الصادر عام 1991، تهدف إلى تنظيم العمل الحزبي وتنقية المشهد السياسي وتعزيز أداء الأحزاب.

الإطار القانوني الجديد

صادقت الحكومة الموريتانية في ديسمبر 2024 على مشروع قانون معدل للأحزاب السياسية، تضمن شروطًا أكثر صرامة لتأسيس الأحزاب، منها:

  • زيادة عدد أعضاء الجمعية العامة التأسيسية من 20 إلى 150 مواطنًا يمثلون كافة ولايات الوطن.

  • اشتراط تزكية برنامج الحزب من 5000 مواطن ينتمون إلى نصف ولايات الوطن على الأقل.

  • ضرورة افتتاح مقرات في نصف الولايات بعد 6 أشهر من الترخيص.

  • رفع الحد الأدنى للحصول على التمويل من 1% إلى 2% من الأصوات في الانتخابات المحلية.

  • إلزام الأحزاب بتمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 20% من الأعضاء.

كما نص القانون على إمكانية تعليق نشاط الحزب لمدة 90 يومًا في حالة تهديد النظام العام، وحل الحزب إذا لم يحصل على 2% من الأصوات في اقتراعين محليين متتاليين أو لم يشارك فيهما.

تأثير التعديلات على المشهد السياسي

تأتي هذه التعديلات بعد سنوات من الجمود في الإطار القانوني، حيث لم يُراجع قانون الأحزاب منذ أكثر من 30 عامًا. وتهدف الحكومة من خلال هذه الخطوة إلى رفع مستوى أداء الأحزاب السياسية وتنقية المشهد من الأحزاب الوهمية أو الضعيفة.

مع ذلك، قوبلت التعديلات برفض من بعض أطراف المعارضة التي اعتبرتها تقييدًا للحريات السياسية، خاصة في ظل العراقيل التي تواجه تأسيس أحزاب جديدة. النائب بيرام الداه اعبيد، على سبيل المثال، وصف التعديلات بأنها “أغلقت الباب أمام ترخيص أي حزب جديد”، معتبراً أن ذلك يمثل تراجعًا للديمقراطية.

واقع الأحزاب السياسية

شهدت موريتانيا في العقد الماضي تراجعًا كبيرًا في عدد الأحزاب السياسية، حيث تم حل عشرات الأحزاب التي لم تستطع تحقيق شروط المشاركة أو النجاح في الانتخابات. في انتخابات 2023 المحلية، شارك نحو 25 حزبًا فقط، مقارنة بأكثر من 120 حزبًا في السابق.

هذا التراجع يعكس تحديات تنظيمية وسياسية تواجه العمل الحزبي، إضافة إلى مخاوف من استغلال بعض الجهات للقانون لمنع ظهور أحزاب معارضة جديدة.

تحديات وآفاق

يرى خبراء سياسيون أن القانون الجديد يشكل فرصة لتقوية الأحزاب السياسية وجعلها أكثر قدرة على تمثيل المواطنين، لكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات كبيرة أمام القوى السياسية الناشئة.

ويشدد المختصون على ضرورة ضمان تطبيق القانون بعدالة وشفافية، مع فتح المجال أمام حوار سياسي شامل يضمن مشاركة واسعة ويعزز التعددية السياسية الحقيقية.

بهذه التعديلات، تسعى موريتانيا إلى بناء نظام حزبي أكثر تنظيماً ومصداقية، لكن الطريق لا يزال مليئًا بالتحديات التي تتطلب توازناً دقيقاً بين التنظيم وضمان الحريات السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق