عودة الجدل حول قانون حماية الرموز الوطنية في ظل ترقب الحوار السياسي الشامل

تشهد موريتانيا في هذه الفترة حالة من الترقب الحذر لانطلاق حوار سياسي شامل .
يضم كافة الأطياف السياسية، بهدف معالجة القضايا الوطنية الكبرى وتعزيز التوافق الوطني.
وفي هذا السياق، عاد الجدل حول قانون حماية الرموز الوطنية إلى الواجهة، حيث تصاعدت الدعوات مجددًا لإلغاء هذا القانون الذي أثار انقسامات حادة في المشهد السياسي والمجتمعي.
صدر قانون حماية الرموز الوطنية في عام 2021، بهدف تجريم المساس بهيبة الدولة ورموزها، مع فرض عقوبات صارمة على المخالفين، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ورغم تأكيد الحكومة على ضرورة هذا القانون لحماية الدولة من “الفوضى” و”الإهانات”، إلا أن معارضيه يرونه أداة لتقييد حرية التعبير وفرض رقابة على المعارضة والإعلام.
مع اقتراب انطلاق الحوار السياسي الشامل، عادت منظمات حقوقية ونقابات صحفية وأحزاب معارضة للمطالبة بإلغاء القانون، معتبرين أنه يشكل تهديدًا للحريات الأساسية ويزيد من الاحتقان السياسي.

فقد طالب الاتحاد المهني للصحفيين المستقلين بإلغائه فورًا، مشددًا على ضرورة احترام أخلاقيات المهنة بدلاً من فرض قيود قانونية صارمة على حرية التعبير. كما دعا حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، أكبر أحزاب المعارضة، الحكومة إلى سحب القانون احترامًا للدستور والمواثيق الدولية، واعتبر تمريره قبل الحوار الوطني بمثابة انتكاسة في مجال الحريات العامة.

في المقابل، تصر الحكومة وأحزاب الأغلبية على ضرورة بقاء القانون، معتبرين أنه أداة حيوية لسد الثغرات القانونية التي تسمح بجرائم إلكترونية تستهدف رموز الدولة وتزعزع الأمن الاجتماعي.

ويؤكد منسق الحوار الوطني أن نجاح الحوار يتطلب تبني مقاربة بناءة تقلص الفجوات السياسية والاجتماعية، دون التخلي عن حماية هيبة الدولة.

ومع ذلك، تثير حالات عدم مساءلة بعض النواب الذين خرقوا القانون، في حين يُحاكم مدنيون على نفس التهم، انتقادات واسعة حول عدالة تطبيق القانون. هذا التفاوت في المعاملة يضعف الثقة في المؤسسات ويزيد من حدة الخلافات السياسية، مما يعقد المشهد ويزيد من التوترات.

لذا، يرى كثيرون أنه من الضروري إدراج قانون حماية الرموز الوطنية ضمن جدول أعمال الحوار السياسي، لإعادة النظر فيه بشكل يوازن بين حماية الدولة وضمان الحريات.

فالحوار يمثل فرصة لإصلاح القانون بما يضمن عدم استخدامه كأداة قمع، ويعيد بناء الثقة بين السلطة والمجتمع المدني.

في الختام، يبقى قانون حماية الرموز الوطنية في موريتانيا أحد أبرز القضايا الخلافية التي تعكس التوتر بين حماية الدولة وحرية التعبير.

وفي ظل ترقب انطلاق الحوار السياسي الشامل، تتجدد الدعوات لإلغاء القانون أو تعديله جذريًا، مع التأكيد على ضرورة أن يكون أي قانون مرتبط بحماية الرموز الوطنية خاضعًا لمعايير واضحة تضمن العدالة وعدم التمييز، وتوفر مساحة حقيقية للحريات الأساسية، مما يسهم في تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق