لماذا ولد مرزوكَ..؟

تطرح إشكالية إحالة بعض الموظفين للتقاعد جدلا قويا بين النخب الموريتانية ويرى البعض أن إحالة بعض أساتذة التعليم العالي للتقاعد والابقاء على البعض الآخر عمل غير منصف لما يمثله وضع هؤلاء من تعارض مع القانون!
غير أن الذين يطرحون مثل هذه الإشكالات يتناسون أن المراسيم القانونية لا توازي قوة القانون وأن القانون نفسه لا يساوي قوة الدستور..
وأن الدستور الذي يشكل مرجع التشريعات والقوانين يعطي الحق المطلق والحصري لرئيس الجمهورية في التعيين في الوظائف السامية!
وحتى لو صرفنا النظر عن ذلك الحق وعن دستوريته فلا يمكننا أن نغفل أن أي تعيين يتعارض مع المصلحة العليا للبلد يكون محل طعن أخلاقي حتى ولو كان قانونيا والعكس صحيح إذ أن أي تعيين أو انتداب يعطي قيمة اعتبارية للبلد أو يسهم في إقناع شركاء الوطن بإعطاء الأولوية لأصحاب الاستحقاق يكون مبررا بل ومطلوبا وإن عارض نصا صحريحا، لأن روح القانون تقتضي خدمة الصالح العام وتلك مسألة يعود فيها القرار لصاحب السلطة التقدرية وهو في هذه الحالة رئيس الجمهورية.
ثم دعونا نترك الجدل القانوني جانبا ونبحث في الكفاءات الشخصية والمسيرة التجربية للأشخاص محل الجدل.
وسأكتفي هنا بشخص وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوك كمثال لأطرح بعض الأسئلة المتعلقة به كنموذج..
ألا يمتلك الرجل من العلاقات الدولية والتأثير الإقليمي ما يجعل موريتانيا تحتاج خبراته وعلاقاته في تذليل بعض الصعاب إثناء إدارتها لعلاقاتها الخارجية خاصة في قارة مضطربة وغير مستقرة بسبب العواصف الداخلية وصراع القوى الخارجية لوضع اليد على خيرتها وكسب ولاء قادتها وتعاطف شعوبها!
أو لم يستطع الرجل أن يدير الجهاز الدبلوماسي للبلد بطريقة متفردة أعادت للدبلوماسية الوطنية ألقها ومكنت موريتانيا من خلق شراكات قوية وفعالة مع كل الدول مع صيانة كرامة الأمة وإبقائها على مسار واحد من الجميع في سابقة أخرجت موريتانيا من دائرة التبعية و وضعتها موضع الندية حتى مقابل تلك الدول التي كانت تعتبرها مجرد حديقة خلفية لها.
ألم يستطع الرجل أن ينجح في تنسيق الجهد الإفريقي ويرسم صورة حسنة في أذهان العالم عن قارة يتسنم رئيسه قيادتها فكان لجهده الموازي أثرا طيبا في نجاح مهام الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي؟
أو لم يستطع ولد مرزوك وهو في أتون حربه لانجاح الديبلومساية الموريتانية أن يفك فتيل الأزمة الأمنية ويحول دون انزلاق الوطن بقدرته التوجهية وحنكته التي مكنته من الإمساك والتحكم في كل مفاصل الفعل السياسي من قلب النظام ومن خلف الكواليس بضغطه الدائم على القوى المعارضة التي ظلت تتأثر به وتصغى لعقلانيته وتمتحي تجربتها من تكتيكاته!
ألم تكن بصمات ولمرزوك واضحة في نتائج آخر اقتراع رئاسي بعد أن كادت تزيغ قلوب البعض خشية الخسارة!
ألا يشفع لمرزوك تاريخه الطويل والمشرف في تسيير المرافق العمومية وتواجده في أعلى المناصب ومده لجسور التآخي والتلاحم ببن مكونات هذا الشعب في وقت انشغل فيه الجميع بالاقتيات على جثمان الأمة الموريتانية؟
أو ليس ولد مرزوك صديقا شخصيا للرئيس الحالي وزميله في الدراسة وبن ولايته وأحد خلصه الذين يحرقون دماءهم للنهوض بمشروعه وتجسيد رؤيته؟ وأخيرا أليس ولد الغزواني حريا باختيار أعوانه ومساعديه؟
محمد فال المصطفى