اللـــــــــــــــــــــــــــغة؛ بقلم الكاتب سيدن سيدالامين
اللغة نسق عالٍ من الإشارات و الرموز ، تشكل أداة من أهم أدوات المعرفة، و تعتبر أهم وسائل التفاهم و الاحتكاك بين أفراد المجتمع في جميع ميادين الحياة، و بدون اللغة يتعذر نشاط الناس المعرفي.
ترتبط اللغة بالتفكير ارتباطا وثيقا ؛ فأفكار الإنسان تصاغ دوما في قالب لغوي، حتى في حال تفكيره الباطني ، و من خلال اللغة فقط تحصل الفكرة على وجودها الواقعي.
يتفاوت عدد اللغات في العالم بين 5000 و 7000 لغة، و مع ذلك فإن أي تقدير دقيق يعتمد جزئيا على التمييز التعسفي بين اللغات و اللهجات، و تعتمد جميع اللغات على عملية صيرورة العلامات لتشير إلى معاني معينة فتحتوي اللغة المشلفهة و لغة الإشارة على نظام صوتي يتحكم بكيفية استخدام الرموز لتشكيل سلاسل تعرف بالكلمات الصرفية.
إن أعظم لغة على الإطلاق هي اللغة العربية و جميع اللغات الأخرى مجرد قنوات و روافد منها، ذلك أن اللغة العربية لها سعة و غنى يميزها عن اللغات الأخرى الفقيرة بشكل نسبي ؛ فاللغة اللاتينية بها سبعمائة جذر لغوي فقط، و الساكسونية بها ألف جذر! بينما اللغة العربية بها ستة عشر ألف جذر لغوي، يضاف إلى ذلك سِعة أخرى في التفعيل و الاشتقاق و التركيب… ميزة أخرى ينفرد بها الحرف العربي؛ هي أن الحرف العربي بذاته له رمزية و دلالة و معنى … فحرف الحاء مثلا نراه يرمز للحدة و السخونة مثل حمى و حرارة و حب و حريق و حقد و حاد و حميم و حنظل… بينما نجد حرفا آخر مثل الخاء يرمز إلى كل ما هو كريه وسيء و منفر، مثل خوف و خزي و خجل و خيانة و خلاعة و خسة…و إذا ذهبنا نتتبع تاريخ اللغة العربية و نحوها و صرفها و قواعدها و كلماتها و تراكيبها فسوف نكتشف أنها ثابتة لم تتغير على مدى ما نعلم منذ آلاف السنين، و كل ما حدث أن نهرها كان يتسع من حيث المحصول و المفردات و الكلمات، لكنها ظلت حافظة لكيانها و هيكلها و قوانينها و لم تجرِ عليها عوامل الفناء و الانحلال أو التشويه و التحريف، و هو ما لم يحدث في اللغات الأخرى التي دخلها التحريف و الإضافة و الحذف و الإدماج و الاختصار، و تغيرت أجروميتها مرة بعد مرة.
و حدث و لا حرج عن غنى اللغة العربية ، بمترادفاتها حيث تجد للأسد مثلا أكثر من ألف اسم ؛ كالليث و الغضنفر و السبع و الرئبال و الهزبر و الضرغام و الضيغم و الورد و القسورة…و نجد كل اسم يعكس صفة مختلفة، و نجد لكل اسم ظلالا و رنينا و إيقاعا.
نخْلص إلى أن اللغة العربية هي أم اللغات و غير معرضة للانقراض على عكس جميع لغات العالم، مِصداق ذلك حِفظ القرءان الكريم « إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون» ، لكن يبقى السؤال الذي نفث نفسه و مجٌٓه الواقع ؛ إلى متى ستظل موريتانيا متمسكة بلغة المستعمر ؟ و متى ستشهد بلادنا عودة مركزة إلى اللغة الأم ؟