صراع الأجنحة على خلافة غزواني: من سيكون خليفته؟

يشهد المشهد السياسي الموريتاني جدلاً متصاعداً حول خليفة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، في ظل غياب مؤشرات واضحة على من سيرث مقاليد السلطة في المرحلة المقبلة. وقد أثار غياب الوزير الأول وبقية الوزراء عن صلاة العيد الأخيرة تساؤلات واسعة حول مستقبل الخلافة، في وقت لا يزال الرئيس غزواني يسيطر على مفاصل السلطة ويتعامل مع صراع الأجنحة المتنازعة بحكمة وتروي.

محمد أحمد احويرثي: مرشح رجال الأعمال والأجنحة المؤثرة
يبرز وزير الداخلية الحالي محمد أحمد احويرثي كأبرز المرشحين لخلافة غزواني، بدعم من رجال أعمال مقربين من محيط الرئيس. تجلى ذلك من خلال سلسلة حفلات عشاء في منازل وزراء وشيوخ قبائل تمهيداً لتشكيل خلية دعم له، مع إطلاق مبادرة “موريتانيا الأعماق” التي تضم شخصيات نافذة في الدولة. يحظى احويرثي بحماية قانون الرموز، وقد شهدت الساحة السياسية توقيف قيادي في حركة إيرا بعد انتقاده له، فيما يسعى لتوطيد علاقاته داخل المؤسسة العسكرية التي تراقب الصراع الحاصل في القصر الرمادي.

مختار اجاي: خيار الرئيس والوجه المدني
يُعد مختار اجاي، وزير الحكومة الحالي والمقرب من الرئيس، خياراً مدنياً يروج له أنصاره كـ”رجل الأزمات” الذي يمكنه إعادة رونق الديمقراطية في حال ترشحه للرئاسة. رغم وجود عداء واضح بينه وبين احويرثي، إلا أن اجاي نجح في ترويض المعارضة وحظي بقبول من قبل بيرام الداه اعبيد، زعيم المعارضة، الذي وصف جناحه بالجناح المنفتح داخل النظام.

حننه ولد سيدي: الخيار العسكري المحتمل
يشكل وزير الدفاع حننه ولد سيدي، ابن المؤسسة العسكرية، خياراً محتملاً للمؤسسة العسكرية في حال لم ينجح احويرثي في فرض نفسه. يحتفظ حننه بصمته ولا يبدي رغبة واضحة في الترشح، في انتظار تطورات اللحظات الأخيرة، وسط محاولات رجال أعمال ومقربين من غزواني دعم وزير الداخلية للحفاظ على استمرارية النظام ومصالحهم.

المشهد العام وصراع الأجنحة
يعيش القصر الرمادي على وقع صراع أجنحة مكشوف، حيث يسارع وزير الداخلية احويرثي وبعض قادة الأغلبية ورجال الأعمال إلى ترتيب أوراقهم لاختيار خليفة غزواني، الذي عبر في جلساته الخاصة عن عدم رغبته في مأمورية ثالثة. ويطرح السؤال: هل سينجح احويرثي، صاحب قانون الرموز المثير للجدل، في الوصول إلى قصر الرئاسة كخليفة يضمن استمرار النظام؟

وجهة نظر المعارضة: سيد محمد اكماش ورؤية بيرام
علق سيد محمد اكماش، الناطق الإعلامي باسم بيرام الداه اعبيد، على الصراع قائلاً إن الظرفية السياسية الحالية هي الأعقد في تاريخ موريتانيا، مع تغيرات إقليمية جذرية. وأشار إلى أن النظام الحاكم يدرك حتمية رحيله بحلول 2029، وأن الصراع على الخلافة هو صراع بقاء بين أجنحة النظام. وبرز اسم وزير الداخلية كمرشح أقرب، لكنه يواجه خصوماً أقوياء، أبرزهم بيرام الداه اعبيد، الذي يُعتبر الاسم الوحيد القادر على قلب المعادلة.

وأكد اكماش أن فكرة “المرشح التوافقي” التي يروج لها بعض داخل النظام ليست سوى تأجيل للأزمة، مشيراً إلى أن الخروج الآمن لا يكون إلا بتسليم السلطة لشخص “منه وفيه”، في إشارة إلى قرب غزواني من احويرثي.

يتضح أن الصراع على خلافة غزواني ليس مجرد تنافس على المناصب، بل هو معركة معقدة بين أجنحة سياسية وعسكرية واقتصادية تسعى للحفاظ على مصالحها في ظل واقع إقليمي ودولي متغير. ومع استمرار غزواني في التحكم بمفاصل السلطة، يبقى السؤال مفتوحاً حول من سيكون الرجل القادر على قيادة موريتانيا في المرحلة القادمة، وهل ستنجح الأجنحة المتصارعة في التوافق أم ستستمر المواجهة على حساب مستقبل البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق