تحديات البيئة في موريتانيا بين الاستراتيجيات الحكومية والانتقادات – موقع أخر قرار

تواجه موريتانيا، الدولة الواقعة في شمال غرب إفريقيا والتي تغطي الصحراء نسبة 90% من مساحتها، تحديات بيئية كبيرة مرتبطة بالتغير المناخي، التصحر، واستنزاف الموارد الطبيعية، إلى جانب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين. هذه التحديات تتطلب استراتيجيات متكاملة ومستدامة للحفاظ على البيئة وضمان التنمية المستدامة.
الوضع البيئي في موريتانيا
تتميز موريتانيا بمناخ صحراوي حار وجاف، مع ندرة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، ما يزيد من هشاشة النظام البيئي ويعرض الأراضي لتدهور متسارع. كما أن التصحر يهدد الأراضي الزراعية والرعوية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني الذي يعتمد بشكل كبير على الزراعة والرعي والصيد.
تشير تقارير حكومية ومنظمات دولية إلى أن موريتانيا تفقد سنوياً مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة بسبب التصحر، فيما يعاني نحو 40% من سكان المناطق الريفية من انعدام الأمن الغذائي[مصادر حكومية]. كما أن التغيرات المناخية أدت إلى تراجع في الموارد المائية وتدهور التنوع البيولوجي.
الاستراتيجية الوطنية البيئية
وضعت الحكومة الموريتانية استراتيجية وطنية لمواجهة التحديات البيئية، تركز على مكافحة التصحر من خلال مشاريع التشجير، تحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز القدرات المؤسسية للجهات المعنية بالبيئة. كما تم إطلاق مبادرات لدعم الزراعة المستدامة وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة للحد من استنزاف الموارد.
في مؤتمر دولي عقد مؤخراً، أعلنت موريتانيا عن التزامها بخفض انبعاثات الكربون وتعزيز الطاقة المتجددة، في إطار اتفاقيات المناخ العالمية. وأكد وزير البيئة أن هذه الجهود تهدف إلى حماية البيئة وتحقيق تنمية مستدامة تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمقبلة.
وجهات نظر متباينة
يرى خبراء بيئيون أن الخطوات الحكومية إيجابية لكنها غير كافية، مشيرين إلى أن ضعف التمويل، ونقص الوعي المجتمعي، والتحديات الأمنية في بعض المناطق تعيق تنفيذ الاستراتيجيات بشكل فعال. كما يحذرون من أن استمرار تدهور البيئة قد يؤدي إلى تفاقم الفقر والهجرة غير النظامية.
من جهة أخرى، يشيد مسؤولون حكوميون ومنظمات دولية بالتقدم المحرز، مؤكدين أن موريتانيا تبذل جهوداً ملموسة في مجال حماية البيئة، وأن الدعم الدولي المتزايد يعزز من قدرة البلاد على مواجهة التحديات.
الأرقام والإحصائيات
-
تبلغ نسبة الأراضي المتصحرة في موريتانيا حوالي 75% من إجمالي مساحة البلاد، وفقاً لتقارير وزارة البيئة.
-
يعيش نحو 10% من سكان موريتانيا، أي ما يقارب نصف مليون شخص، من مهاجرين ولاجئين، مما يضيف ضغوطاً على الموارد الطبيعية والخدمات الاجتماعية.
-
تشير تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن موريتانيا بحاجة إلى استثمارات سنوية تقدر بمئات الملايين من الدولارات لتعزيز البنية التحتية البيئية والزراعية.
التحديات الاجتماعية والاقتصادية
تتداخل القضايا البيئية مع الأبعاد الاجتماعية، حيث تؤدي ندرة الموارد إلى نزاعات محلية، وتفاقم الهجرة غير النظامية التي تعتبرها السلطات نشاطاً إجرامياً يعبر الحدود. ويؤكد وزير الخارجية أن هذه الظواهر تؤثر على التعايش السلمي وتزيد من تعقيد إدارة الموارد.
تمثل التحديات البيئية في موريتانيا اختباراً حقيقياً لقدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة في ظل ظروف طبيعية قاسية وضغوط اجتماعية متزايدة. رغم الجهود الحكومية والاستراتيجيات الموضوعة، يبقى النجاح رهيناً بتضافر الجهود المحلية والدولية، وتوفير التمويل الكافي، وتعزيز الوعي البيئي لدى المجتمع. كما أن معالجة الأبعاد الأمنية والاجتماعية المرتبطة بالهجرة واللاجئين ضرورية لضمان استقرار البيئة والتنمية في البلاد.
سنواصل متابعة تطورات هذا الملف الحيوي، ونوافي قراءنا بكل جديد حول السياسات البيئية والمبادرات التنموية في موريتانيا.