انسحاب الجنرالات من الحكم في موريتانيا: هل يفتح باب التحول المدني الكامل بحلول 2029؟ – موقع أخر قرار

أثارت دعوة نور الدين ولد محمدو، رئيس حزب “موريتانيا إلى الأمام” قيد الترخيص، إلى انسحاب كامل ونهائي للجنرالات من مواقع القرار السياسي والإداري في موريتانيا بحلول عام 2029 أو قبله، نقاشاً واسعاً في الأوساط السياسية والمجتمعية في البلاد. هذه الدعوة التي أطلقها ولد محمدو عبر تدوينة على صفحته الشخصية، جاءت في سياق مطالبته بتحول مدني كامل في قيادة الدولة، معتبرًا أن “خير البر عاجله”، ومشدداً على ضرورة أن يتولى المدنيون السلطة وفق معايير علمية وأخلاقية.
وجهات نظر مختلفة حول الدعوة
1. المؤيدون: تعزيز الديمقراطية واستقرار الدولة
يرى عدد من السياسيين والمثقفين أن دعوة رئيس حزب “موريتانيا إلى الأمام” تمثل خطوة جريئة نحو تعزيز التحول الديمقراطي في موريتانيا.
يؤكد هؤلاء أن انسحاب العسكريين من مواقع القرار، خاصة في رئاسة الجمهورية والبرلمان ووزارة الدفاع وإدارة الأمن، سيعزز من شرعية المؤسسات المدنية ويخلق بيئة سياسية أكثر شفافية واستقرارًا.
ويشير بعض الخبراء إلى أن تجارب دول أخرى في المنطقة والعالم أثبتت أن التحول المدني الكامل هو السبيل الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة وحماية الحريات.
كما يشيدون بالتقدم الذي تحقق في قطاعات مثل الجمارك ورجال الإطفاء، حيث تم نقل المسؤوليات إلى مدنيين بنجاح، معتبرين أن ذلك نموذج يمكن تعميمه على باقي القطاعات.
2. المتحفظون: مخاوف من الفراغ الأمني والسياسي
في المقابل، يعبر بعض المسؤولين السابقين وأعضاء في المؤسسة العسكرية عن مخاوفهم من أن الانسحاب السريع للجنرالات قد يخلق فراغًا في مواقع القرار، خصوصًا في ظل التحديات الأمنية التي تواجه البلاد.
ويؤكدون على ضرورة وجود انتقال تدريجي ومدروس للحكم المدني، مع ضمان استقرار المؤسسات الأمنية والعسكرية.
كما يرى بعض المحللين أن تجربة 2008 التي أشار إليها ولد محمدو، والتي شهدت تراجعًا عن تسليم السلطة، تعكس تعقيدات المشهد السياسي الموريتاني، مما يستدعي حذرًا في تطبيق أي تغييرات جذرية دون توافق وطني واسع.
3. الوسطاء: ضرورة الحوار الوطني والتوافق
يدعو عدد من النخب السياسية والمدونين إلى فتح حوار وطني شامل يضم جميع الأطراف السياسية والعسكرية والمجتمعية، لتحديد آليات انتقال السلطة بشكل يضمن استقرار البلاد ويحفظ مكتسباتها. ويرون أن التحول المدني يجب أن يكون نتاج توافق وطني وليس فرضًا من طرف واحد.
ويشير هؤلاء إلى أهمية وضع جدول زمني واضح ومتفق عليه، مع ضمان مشاركة فعالة للمجتمع المدني والقطاع الخاص في العملية السياسية، لتعزيز الديمقراطية والمساءلة.
آراء نخبة سياسية ومثقفين
-
رئيس حزب سياسي معارض: “التحول المدني الكامل هو ضرورة وطنية، ويجب أن يتم بسرعة مع ضمان حماية المؤسسات الأمنية، لأن استمرار هيمنة العسكريين على القرار يعيق تطور الديمقراطية.”
-
مفكر سياسي بارز: “تجربة 2008 علمتنا أن الإرادة الشعبية هي الحاكم الحقيقي، وإذا لم تحترم فلن يكون هناك استقرار. لذلك، يجب أن يكون التحول مدنيًا حقيقيًا يراعي تطلعات الشعب.”
-
مدون سياسي مشهور: “الدعوة إلى انسحاب الجنرالات ليست مجرد مطلب سياسي، بل هي دعوة لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، ولضمان أن السلطة لا تكون أداة للضغط أو استبداد.”
تظل دعوة نور الدين ولد محمدو إلى انسحاب الجنرالات من مواقع القرار السياسي والإداري موضوعًا حساسًا ومهمًا في المشهد السياسي الموريتاني. وبينما تتباين الآراء بين مؤيدين ومتحفظين، يتفق الجميع على أن مستقبل موريتانيا السياسي يعتمد بشكل كبير على كيفية إدارة هذا التحول، ومدى قدرة الأطراف المختلفة على الحوار والتوافق لتحقيق استقرار ديمقراطي دائم يضمن حقوق المواطنين ويعزز التنمية الوطنية.