هل تنجح الحكومة في ضبط الأسواق؟ دور وزارة التجارة تحت المجهر – موقع أخر قرار

في ظل تصاعد شكاوى المواطنين من غلاء الأسعار واحتكار بعض المواد الأساسية، يتجدد الحديث عن الدور المحوري الذي يفترض أن تلعبه الحكومة الموريتانية، ممثلة في وزارة التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة، في ضبط الأسواق والرقابة على الأسعار وجودة المواد الاستهلاكية.
ورغم إعلان الوزارة، في مناسبات عدة، عن تنفيذ حملات تفتيش ومراقبة دورية للأسواق، إلا أن مظاهر الانفلات السعري ما زالت قائمة، وتطرح علامات استفهام حول نجاعة التدخلات الرسمية ومدى تأثيرها الفعلي على حياة المواطن اليومية.
جهود رسمية معلنة
تؤكد وزارة التجارة في بياناتها أن فرق الرقابة التابعة لها تقوم بجولات دورية في الأسواق، خاصة خلال المواسم الحساسة مثل رمضان وموسم افتتاح المدارس. وتشمل مهام هذه الفرق، بحسب مصادر رسمية، مراقبة الأسعار، والتحقق من مطابقة المواد للمعايير الصحية، ومعاقبة التجار المخالفين.
وفي هذا السياق، تم خلال العام الماضي إغلاق عدد من المحلات ومصادرة كميات من المواد منتهية الصلاحية، إلى جانب فرض غرامات مالية على متورطين في مخالفات تموينية.
كما أطلقت الوزارة منصة إلكترونية للتبليغ عن المخالفات، بهدف تعزيز المشاركة المجتمعية وتوسيع نطاق الرقابة.
تحديات معقدة
رغم هذه الجهود، يرى مراقبون أن الواقع لا يزال يتطلب تدخلًا أوسع وأكثر صرامة. فالكثير من الأسواق، لا سيما في المناطق الداخلية، تعاني من غياب الرقابة الدائمة، فيما يشتكي المواطنون من تفاوت كبير في الأسعار بين منطقة وأخرى، وغياب لائحة أسعار موحدة.
ويشير اقتصاديون إلى أن ضعف البنية الرقابية، وغياب آلية فعالة لردع الاحتكار، وارتفاع كلفة النقل، كلها عوامل تؤثر على قدرة الوزارة في التحكم بالأسعار. كما أن نسبة كبيرة من المواد الغذائية الأساسية تعتمد على الاستيراد، مما يجعل الأسعار مرهونة بتقلبات السوق الدولية وسعر الصرف.
رأي المواطن والتاجر
في استطلاع ميداني لـ”الضمير الإخباري”، أعرب مواطنون في سوق “لكصر” بالعاصمة نواكشوط عن تذمرهم من ارتفاع أسعار الخضروات والزيوت والمواد التموينية. وقال أحدهم: “كل يوم نرى سعراً جديدًا، ولا أحد يشرح لنا لماذا ترتفع الأسعار فجأة.”
في المقابل، يشكو بعض التجار من غياب الدعم الحكومي، ويؤكدون أن الغلاء ليس دائمًا نتيجة جشع التجار بل يعود في كثير من الأحيان إلى ارتفاع أسعار الجملة والنقل، وتكاليف التخزين.
الحلول الممكنة
يدعو خبراء اقتصاديون إلى إعادة هيكلة جهاز الرقابة التجارية، وتوسيع صلاحيات المفتشين، وإنشاء نظام رقمي شفاف يُمكّن المواطن من الاطلاع على الأسعار الرسمية. كما يطالبون بدعم الإنتاج المحلي للحد من التبعية للأسواق الخارجية، وضمان استقرار الأسعار.
كما يبرز دور البلديات والمجتمع المدني في الرقابة التشاركية، من خلال لجان شعبية أو آليات رقابة مجتمعية يمكن أن تساعد في كشف التجاوزات وإبلاغ السلطات بها في وقت مبكر.
بين الجهود الحكومية المعلنة والواقع الذي يعيشه المواطن في الأسواق، تظل مسؤولية ضبط الأسعار وضمان عدالة السوق مسؤولية جماعية، تتطلب شراكة فعالة بين الحكومة، والتاجر، والمستهلك. ويبقى التحدي الأكبر أمام وزارة التجارة هو تحويل نوايا الرقابة إلى واقع ملموس يشعر به المواطن البسيط في تفاصيل حياته اليومية.