“المواطنة في موريتانيا: بين تحديات الانتماء القبلي وبناء الدولة الحديثة”

تشكل المواطنة المفهوم الأساسي الذي يربط الفرد بالدولة، ويحدد حقوقه وواجباته، إلا أن الفهم الخاطئ أو المحدود لها في موريتانيا ينعكس سلبًا على وحدة المجتمع واستقراره السياسي والاجتماعي.

الواقع الموريتاني بين القبيلة والمواطنة

تواجه موريتانيا تحديًا كبيرًا يتمثل في استمرار تأثير الانتماءات القبلية والعشائرية على الحياة السياسية والاجتماعية، حيث لا يزال الولاء للقبيلة يتفوق على الانتماء للدولة الوطنية. 

هذه الظاهرة أدت إلى تسييس القبيلة، مما أعاق بناء هوية وطنية جامعة ومفهوم مواطنة متساوية بين جميع فئات المجتمع.

تداعيات الفهم المحدود للمواطنة

نتيجة لهذا الواقع، تعاني الدولة من انقسامات ثقافية وعرقية وشرائح اجتماعية متصارعة، ما يفاقم الاحتقان ويهدد الاستقرار. 

كما أن ضعف تطبيق مبدأ المواطنة المتساوية ينعكس على فرص التنمية، ويعزز الفقر والتهميش، خصوصًا بين الفئات الهشة، مما يزيد من هشاشة النسيج الاجتماعي.

جهود تعزيز قيم المواطنة

رغم هذه التحديات، تبذل موريتانيا جهودًا متواصلة لترسيخ قيم المواطنة، من خلال فعاليات ثقافية وحوارية تهدف إلى تعزيز الولاء للوطن والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع.

 ويُنظر إلى بناء الدولة الحديثة على أنه السبيل لتجاوز الانتماءات الضيقة وبناء مجتمع متماسك يقوم على المساواة والعدالة.

أهمية الفهم الصحيح للمواطنة

الفهم الصحيح للمواطنة يعني إدراك الأفراد لحقوقهم وواجباتهم بعيدًا عن الانتماءات الضيقة، مما يعزز المشاركة السياسية السلمية، ويحد من النزاعات الاجتماعية، و يؤسس لبيئة مستقرة تتيح التنمية الشاملة. 

كما أن تعزيز المواطنة يساهم في مواجهة التحديات الكبرى مثل الفقر والهجرة غير النظامية والتهديدات الأمنية.

إن تجاوز الانقسامات التقليدية في موريتانيا يتطلب تعزيز الوعي بالمواطنة الحقة، التي تضع الدولة فوق الانتماءات القبلية والعرقية. وهذا يتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة، والمجتمع المدني، والنخب الثقافية والسياسية، لبناء منظومة قيمية جديدة تضمن وحدة الوطن واستقراره، وتفتح الطريق نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وعدالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق