تُجار الموت.. باعة السموم


تجار الموت ينشطون في الأحياء الشعبية:
في عصر هذا اليوم وأنا أمر من ملتقى طرق (ول أبادو) بدار النعيم رأيت سيارة من نوع رينو أكس بريس متوقفة ومفتوح باباها الخلفيان وقد جلس حذوهما رجلان مسنان أجنبيان عربيان، ومعهما رجل ملثم أسمر اللون موريتاني الملامح، وعنده إناء فيه دقيق يغرف منه بملعقة ويصب للمارة في أيديهم ليتذوقوا طعمه والناس تحلق حوله.
استغربت الأمر وقررت أن أقف على حقيقته، فأوقت السيارة وترجلت نحو الجماعة، فإذا بهم يعرضون فوق السيارة كيلوغرامات من مادة سليا موزونة، ويقول الموريتاني للناس (ظوگوه سليا مصرية زينه وألا بألف).
اقتربت من السيارة ونظرت بداخلها فإذا بها تحوي (ازگايب من سليا)، وقد انتزعوا عنها طبقتها العلوية التي توجد بها بيانات المادة واسمها وجهة تصنيعها وتاريخ صلاحيتها، فذهلت!!!
ولم أتمالك فخابتهم بأعلى صوتي أتبيعون مادة منتهية الصلاحية للناس؟أتبيعون السموم؟أي جرم هذا؟
ثم توجهت نحو الجمهور فقلت لهم: احذروا إنها منتهية الصلاحية، ويؤدي استعمالها لأمراض خطيرة.
فوقف نحوي الموريتاني وقال لي: (هذي سليا مصريه وتاريخها ماه وافي)، قلت له؛ (امنين نعتولي، انتوم اگلعتو غلافها أياك ما ايعود تاريخه ظاهر)، فبهت.
فوقف أحد الرجلين الأجنبيين وقال لي (تارخها جيد ولدي منها الكثير في مخزن إن أحببت أن تذهب معي إليه)، قلت: إني لا أسأل إلا عن تاريخ هذي المواد التي تبيعون الآن وإنها سموم قاتلة وأنتم مجرمون…
ثم قررت أن أعلم الشرطة لعلها تتدخل، وذهبت أبحث عن مفوضية دار النعيم رقم 3، وأعياني البحث عنها، قبل أن تظهر لي سيارة شرطة تسلك طريقا ممهدا، فاندفعت نحوها وأوقفتها، وقصصت القصة على سائقها، فقال اتبعني، فتبعته حتى وصلنا منطقة متآكلة البنيان قد هجرها السكان، فلاحت مفوضية الشرطة بين الركام!
وصلنا المفوضية وقص الشرطي قصتي على أصحاب المداومة، فقالوا له اتصل على المفوض المداوم، فاتصل عليه وأعطاني الهاتف وأخبرته بالأمر، فقال أبلغ الحاكم، فقلت كيف أجده، فقال: خذ رقم هاتفه من عند أحد أفراد الشرطة.
أعطاني أحد الشرطة رقم حاكم دار النعيم واتصلت به وأخبرته بخطورة الأمر وضرورة القبض على عصابة الموت، فقال: ساعطيك رقم المندوبة الجهوية لحماية المستهلك فاتصل عليها لتباشر الأمر وتطلب منا المؤازرة وعندئذ سنعطي للشرطة الأمر بالقبض عليهم.
بعد دقيقتين اتصل علي الحاكم وأعطاني رقم المندوبة الجهوية، فاتصلت عليها، وقالت ليست لدي سيارة، فقلت لها الحاكم قال بأنه ينتظر منك أن تطلبي التدخل الأمني وأنه سيسخر لك أفراد الشرطة، فقالت سأتصل بالمدير وأحدثه بالأمر، وبعد عشر دقائق اتصلت عليها لأعرف ما ذا عملت؟ فقالت إن المدير طلب رقمك وسيتصل عليك.
بعد دقائق اتصل علي مدير حماية المستهلك واستفسر عن الأمر ومكان وجود العصابة، فأخبرته بالتفاصيل وطلب مني أن أتوجه لمكان الحادث لأشهد ما سيقومون به، وأبديت له استعدادي للحضور لعين المكان رغم أني ابتعدت عنه كثيرا.
وبعد دقائق قليلة اتصل بي مرة أخرى وقال: إننا موجودون في (كرفور ول أبادو)، لكننا لم نجدهم فحددت له مكان وجودهم بدقة، وبعد لحظات اتصل علي وأخبرني أنهم غادروا المكان قبل قليل حسب ما أفاد أصحاب أمن الطرق، وأنه سيطلبهم ولن يهدأ له بال قبل أن يقبض عليهم، وطلب مني أن أسجل رقمه وأن أتصل عليه كلما رأيت ما يهدد المستهلك.
وهنا أسجل استغرابي الشديد من عدم التفاعل السريع مع البيانات التي تهدد سلامة المواطن وأمنه، كما أستغرب أن الأوامر للقبض على المجرمين تمر بمراحل كثيرة وعقبات عديدة تعطي المجرم الفرصة السانحة للاختفاء وتغيير المكان والإفلات من العقوبة، مما يجعله في أمان وطمانينة وهو يقوم بجريمته، فأين التنسيق الأمني؟ وأين سرعة النجدة؟ وما قيمة أن يبذل مواطن وقته وجهده للتبليغ عن أمر يهدد الوطن، ثم لا يجد لعمله صدى ولا لجهده نتيجة؟
وهنا أتوجه للوطنيين المخلصين من السياسيين والمثقفين الواعين أن ينتبهوا لوطنهم حتى لا تعبث به عصابات الإجرام التي تقتات بلحوم الموتى، وما أكثرها!
كما أتوجه للمواطن العادي بضرورة الحذر من البضائع التي تباع بطرق مريبة، والتي تعد السبب الأول في الأمراض الخبيثة التي تعج بأصحابها المستشفيات، وتفضي إلى وفيات كثيرة في كل حين.

محمد سالم/ابن عمر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق