أزمة العطش في نواكشوط: تحديات مستمرة وحلول حكومية في طور التنفيذ

مع اقتراب موسم الصيف في عام 2025، تعود أزمة العطش لتلقي بظلالها على سكان العاصمة الموريتانية نواكشوط، الذين يواجهون انقطاعات متكررة في مياه الشرب، ما يزيد من معاناتهم اليومية وسط ارتفاع درجات الحرارة. هذه الأزمة المتجددة تعكس تحديات مستمرة في تأمين إمدادات المياه، رغم الجهود الحكومية المبذولة لمعالجتها.

واقع الأزمة وتأثيرها على السكان

يعاني سكان نواكشوط من انقطاعات متكررة وطويلة في تزويد المياه، ما يدفع العديد منهم للبحث عن بدائل مكلفة مثل شراء المياه من الصهاريج الخاصة بأسعار مرتفعة. وتزداد حدة الأزمة في الأحياء الهشة التي تعتمد بشكل كبير على مياه الشبكة الرسمية، حيث تؤثر هذه الانقطاعات على الحياة اليومية والصحة العامة للسكان.

يروي أحد سكان مقاطعة توجنين، أن الانقطاعات قد تستمر لأيام متتالية، ما يضطر العائلات إلى تخزين كميات كبيرة من المياه أو اللجوء إلى مصادر غير موثوقة، مما يعرضهم لمخاطر صحية واقتصادية.

أسباب الأزمة من منظور الحكومة

أوضحت وزارة المياه والصرف الصحي أن الأزمة الحالية ناجمة بشكل رئيسي عن ارتفاع نسبة الطمي والرواسب في مياه نهر السنغال، المصدر الأساسي لمياه العاصمة، حيث وصلت نسبة الطمي إلى مستويات مرتفعة تفوق قدرة محطات المعالجة على تنقية المياه بشكل كافٍ. وتؤثر هذه الظاهرة بشكل خاص خلال موسم الأمطار، حيث تتسبب في انسداد الأنابيب وتراجع إنتاج محطات الضخ.

وأشارت الوزارة إلى أن إنتاج محطة آفطوط الساحلي، التي تزود العاصمة بحوالي 120 ألف متر مكعب يومياً، تراجع إلى نحو 70 ألف متر مكعب بسبب هذه الظروف، بينما تبلغ طاقة محطة إديني الشرقية حوالي 40 ألف متر مكعب يومياً.

الإجراءات الحكومية والتدابير المستقبلية

تعمل الحكومة حالياً على تنفيذ مشروع تقوية وتأمين تزويد نواكشوط بالمياه عبر مد أنبوب رئيسي بطول 59 كيلومتراً من بحيرة إديني إلى العاصمة، والذي من المتوقع أن يرفع القدرة الإنتاجية إلى 100 ألف متر مكعب يومياً. وقد وضع الرئيس محمد ولد الغزواني حجر الأساس لهذا المشروع في نوفمبر 2024، ويجري تنفيذه وفق الجدول الزمني المحدد.

كما تعكف الوزارة على تعبئة الموارد المالية لتوسعة محطة آفطوط الساحلي وزيادة قدرتها الإنتاجية، بالإضافة إلى مشروع طموح لتحلية مياه البحر، والذي يعد حلاً استراتيجياً طويل الأمد لتجاوز تأثيرات التغيرات المناخية على مصادر المياه التقليدية.

في الوقت نفسه، تعمل الوزارة على ترشيد توزيع المياه بين أحياء العاصمة، مع إعطاء الأولوية للأحياء الهشة، وتطبيق إجراءات صيانة مستمرة لشبكات المياه لتقليل الفاقد الناتج عن التسربات.

آراء المواطنين والمجتمع المدني

يرى العديد من السكان أن الأزمة متكررة وتعكس ضعف البنية التحتية والتخطيط، مطالبين بحلول عاجلة وشفافية أكبر في إدارة الموارد المائية. وانتقد بعضهم التأخير في تنفيذ المشاريع الكبرى، معبرين عن قلقهم من استمرار معاناة السكان، خاصة في الأحياء الفقيرة.

من جانبها، طالبت المعارضة السياسية بفتح تحقيق مستقل لكشف أسباب الأزمة المتكررة، معتبرة أن ما يحدث يعكس إخفاقات في الحكامة وإدارة القطاع، ومطالبة الحكومة بتقديم توضيحات واضحة للجمهور.

تظل أزمة العطش في نواكشوط تحدياً كبيراً أمام السلطات والمواطنين على حد سواء، وسط تغيرات مناخية تؤثر على مصادر المياه التقليدية. ومع تنفيذ مشاريع البنية التحتية الجديدة، مثل مد أنابيب جديدة وتوسعة المحطات وتحلية مياه البحر، تأمل الحكومة في توفير حلول مستدامة تضمن الأمن المائي للعاصمة، وتخفف من معاناة السكان خلال المواسم الحارة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق